دبي ليست مدينة .. بل طريقة للتفكير


علي الخشيبان علي الخشيبان 
  • كاتب وأكاديمي ومحلل سياسي سعودي


  • عندما يتحدث العالم عن دبي فإنه يتحدث عن قصة تحدّت التاريخ والتجربة الإنسانية لتتجاوز كل معايير النجاح منتصرة بالإبداع، دبي التي أنجزت تحولات كبرى خلال ثلاثة عقود مضت كانت دائماً تدفعني إلى سؤال مهم يقول هل دبي مدينة أم إنها طريقة للتفكير؟ استعرضت مئات المدن في عالمنا العربي التي تملء الجغرافيا وحاولت أن أجد معادلة تعطي مؤشراً مقنعاً للتفاوت بين هذه المدن، لقد اكتشفت أن دبي وحدها يجب ألا تخضع لتلك المعايير الصامتة للتعرف إلى المدن، فليس السكان والطرقات والإمكانات المادية وحدها تصنع المدن.
    دبي التي اسميها (ألماسة الإمارات) وجوهرة (العرب) وملتقى (العالم) وفخر (الخليج)، هذه ليست مبالغة أدبية ولكنها حقيقة لم أستطع أن أتحداها، فهذه المدينة لم تترك رقماً للتميز إلا وحصلت عليه، ولم تترك سباقاً للتميز إلا وشاركت فيه بقوة، هذه المدينة لست مدينة للسكن فقط، فدبي فكرة إبداعية مختلفة عاشقة للتحدي، لقد تجسدت دبي خلال سنوات كقوة صنعها التاريخ وصنعها التحدي خلف هدف واضح لا بد من الوصول إليه، من لا يعرف دبي الفكرة لن يعرف دبي المدينة، أهداف دبي مثل الخلايا المتوالدة تلقائياً كلما تحقق هدف لها ولد هدف آخر ليصنع تحدياً جديداً أمام هذه المدينة.
    كيف أصبحت دبي طريقة للتفكير وليست مدينة فقط؟ مدن كثيرة تملأ المساحات في دولنا العربية ولكنها عبر الزمن ظلت مدناً فقط، ما صنعته (دبي) مختلف تماماً، فدبي التي حولت صمت المدينة التقليدية إلى منهجية للتفكير مختلفة تماماً عن غيرها، دبي التي تحولت إلى طريقة للتفكير طرحت مفهوماً جديداً للمدينة ليس العربية فقط ولكن للمدينة العالمية، اليوم لم يعد مقبولاً أن تكون المدينة صامتة لا تفكر ولا تتشكل كجسد بشري في داخله روح ودماء وشرايين تمنحها الحياة.
    صمت المدن كمنهج يعتمد على مقومات جامدة غير متحركة، هذا الصمت لم يعد مقبولاً لقد كسرت دبي بنظرية جديدة تعتمد على أن يكون للمدينة طريقة تفكير مختلفة، لقد كسرت دبي كل القوانين التقليدية لصناعة مدينة لا تعتمد المظهر الخارجي لتقييمها، بل طرحت دبي مفهوم المدينة الكيان الذي تجري فيه روح الحياة كما الإنسان، عندما بنيت دبي عبر هذه النظرية الخلاقة التي تعتمد على صناعة طريقة تفكير لدبي، أصبحت جسداً وكياناً له روح تستجيب لكل المتغيرات، عندما حولت هذه المدينة إلى كيان له إحساس وإدراك للتاريخ والحضارة والتطور أصبحت هذه المدينة سريعة الاستجابة لكل شيء في داخلها وخارجها.
    لقد تحولت دبي إلى كيان يمكن مخاطبته والتفاعل معه لأنها قررت ألا تظل مدينة صامتة تملؤها البنايات والطرق النظيفة والقطارات، دبي هي المدينة المميزة في العالم التي يستطيع أي زائر لها أن يخاطبها بلغته وأن يجوبها بتاريخه وثقافته، وأن يعشقها بعاداته وسلوكه الخاص، وأن يمارس معها العشق بقصائده وأنغامه، دبي ليست مدينة بل هي كيان يمكن من خلاله أن يصنع الإنسان أحلامه وعالمه، هذه الحقيقة ليست مفتعلة، فكم من الأفراد من صنعت دبي أحلامه وبلورت أفكاره وعشق أسلوبها في الحياة، وإذا تحولت المدن إلى هدف الكل يسعى إلى تحقيقه فإنها لم تعد مدينة بل أصبحت نظرية جديدة في الحياة وطريقة للتفكير مختلفة عن غيرها.
    عندما تشعر بك المدينة فأنت في مكان مختلف، وهكذا دبي تشعر بك وتستقبلك وكأنك زائرها الوحيد وتحتضنك وتخاف عليك وكأنك ساكنها الوحيد، دبي تمنحك الفرصة لكي تطلق إبداعك في كل مكان وكأنك التلميذ الوحيد في جامعاتها، دبي ذلك الكيان الذي أتفحصه لأكتشف شيئاً جديداً كلما ذهبت إلى هذه المدينة التي ارتادها منذ أكثر من عقدين من الزمان، دبي مدينة تتمثل في جسد بشري مليء بالخلايا والأعضاء والأحاسيس فهي جسد حقيقي له قلب مختلف وعقل نادر يمنح هذا الجسد كل مقومات الحياة لكي يعيش ويظل شاباً، وهكذا هي دبي المدينة والفكرة.
    إذا كانت دبي كياناً بهذا المعني فما هو القلب والعقل الذي يدير هذه المدينة، فهذه المدينة تدار بعقل مختلف وطريقة تفكير يحيطها قلب كبير يخاف عليها ويحبها، لذلك هو يفكر من أجلها بطريقة أكثر إبداعاً، قلب دبي وعقلها المميز الذي جعل منها كياناً يتجاوز فكرة المدينة، هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي غير مفهوماً تاريخياً حول قدراتنا نحن العرب في صناعة الحضارة والتغيير، كل التحديات التي وقفت أمام سموه تغلب عليها في معركة حضارية مميزة صنعت منه شيئاً مختلفاً وصنعت من مشروعه منهجاً إبداعياً.
    دبي طريقة للتفكير لكن لماذا؟ لأن عقل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ومن حوله من أبنائه والمحيطين به من المخلصين الذين أعرف بعضاً منهم ومن خلال هذه المعرفة أدركت لماذا أصبحت دبي طريقة للتكفير لأنهم يعيشون في عقل سموه وفي قلبه المحب لكل شيء من خلال مدينة أصبح الوصول إليها هدفاً عالمياً وليس محلياً فقط، وأصبح العيش فيها من الأحلام الكبرى في حياة كثيرين ليس من أبناء العرب أو الخليج ولكن من العالم بأجمعه، أليست هذه حقيقة دبي؟ من منا لم يشعر بهذه الحقيقة؟
    ليسمح لي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بأن أهنئ الإمارات العربية بدبي التي أنجزتها ليس لتكون مدينة مطلية بألوان الطيف أو تكسوها الخضرة، ولكن لتكون طريقة للتفكير البشري، وأن أهنئ كل الإمارات السبع بوجود تجربة حضارية اسمها دبي يمكن للجميع أن يتعلم منها معاني الإنجاز والإبداع.
    أخيراً وليس آخراً تجربة دبي المدينة التي تحولت إلى طريقة تفكير أبدعت في خلق نظرية جديدة لمدن القرن الحادي والعشرين يجب أن تكون في كل مكان، كل ما يريده العالم من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الإنسان البسيط في ذاته العظيم في تفكيره وإبداعه أن تكون تجربة دبي متاحة للجميع، ولعل أفضل من ينتج فكرة إبداعية لرصد تجربة دبي هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم فتحية لهذا الإنسان الذي قاد التحدي بالإبداع وخلد تجربة متاحة للجميع لا بد من الاستفادة منها.



    تعليقات

    المشاركات الشائعة من هذه المدونة

    Saudis Applaud a Tougher Line Against Tehran